أبي .. سأناديك بأعلى صوتي ، علّي اسمع صدى صوتك يتردد بين جبال فراقي لك ، وسأبقى أخط اسمك على ورق دفتري ، وانقشه في سويداء قلبي ، بل وعلى جبيني .. واعلم أن ذلك لن يكفيني ، ولن يذهب إلا القليل من الم فراقك .
أبي .. تمنيت أن أسمعك وأنت تناديني ، وتقول لي ( شروق ) نعم ( شروق) ابنتك التي لم تراك في هذه الحياة ولو لحظة واحدة ، رغم بلوغها سن العاشرة ، حبستنا الأيام عن بعضنا ، وأعلم طيبة قلبك وحبك لابنتك ، ولكن المرض أقعدك ، واعتلّت صحتك ، حتى فارقت الحياة ، معلناً نهاية الأمل ، وبداية الحزن العميق .
أمنيتي .. يا أبي أن أكون قطعة من كفنك لألتف حول جسدك الغض ، أو شعرة في لحيتك طالما انتثرت منها قطرات ماء الوضوء ، أو بقعة من الأرض طالما عفرت جبينك بترابها ، ليتني لبنة من لبنات قبرك ، أو حتى شجرة بجواره ، أبي أتمنى أن احصل على أيّن من مقتنياتك ، اشتمَّ رائحتك الزكية فيها ، واجعلها ذكرى لك في حياتي ، تؤنسني وتجعلني أحس بأنك قربي يا أبي .
أمي الغالية .. أمي الحنون .. يا من برها من أعظم الأعمال عند الله ، لم ولن أنسى وقوفك معي في هذه الحياة ، ولن أنسى مصارعتك وكفاحك معي لكل الأمواج التي تعترض قاربي الصغير ، لقد كنت بحق أم مربية فاضلة ، أم غمرتني بحنانها .. وضحت بالغالي والنفيس من أجل إسعادي .. ولكن يا أمي رغم هذا كله سيبقى ألم فراق والدي معي للأبد .. فاعذريني يا أمي .
أمي .. أنت أمي وأبي هذا اليوم فأشبعيني حباً وعطفاً كما عهدتك دائماً .
أمي .. ارفعي مع يديك إلى السماء لندعوا الله سوياً أن يرحم أبي وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ، وأن يجمعني به في مستقر رحمته .
أمي .. لقد ادخرت من مصروفي اليومي مبلغاً من المال ، وأريد أن اجعلها صدقة يرجع أجرها إليه في قبره.
أمي .. حبيبتي .. هل صحيح أنها تبددت أمنيتي ، ومات أبي !!